العقاب والحرية

ليس العقاب هو الذي يفصل عن الله، وإنما الخطيئة هي التي يترتّب العقاب جزاء لها. إنه يشير بقوة إلى أن الخطيئة لا تستقيم مع القداسة الإلهية (عبرانيين 10: 29- 30). وبالتالي إذا كان المسيح قد ذاق العقاب، فليس بسبب خطايا يكون قد ارتكبها، بل من أجل خطايا البشر التي يحمل ثقلها ويتحملها (1 بطرس 2: 24، 3: 18، اشعيا 53: 4).

العقاب وحي من الله: والعقاب، بحكم منطقه الداخلي، يوحي بالله: فهو يمثل ظهور الله على نحو يناسب الخاطئ. فمن لا يتقبل نعمة الافتقاد الإلهي يصطدم بالقداسة ويلقى الله نفسه (لوقا 19: 41- 44). وهذا ما يردده النبي باستمرار: “حينئذٍ ستعلمون أني يهوه ” (حزقيال 11: 10، 15: 17). ولأن القلب هو وحي، فإن الكلمة هو الذي ينفذه (حكمة 18: 14- 16، رؤيا 19: 11- 16) وهو بفضل المصلوب يبلغ أبعاده تماماً (يوحنا 8: 28). وهكذا، فباتصاله بالاعتراف ليهوه و بيسوع، يزداد العقاب نكالاً بقدر ما يكون من ناله أقرب إلى الله منزلة (لاويين 10: 1- 3، رؤيا 3: 19). فحضور الله ذاته المحبب إلى القلب الطاهر، يصبح مدعاة للعذاب بالنسبة إلى القلب المتحجر، ولو أن كل عذاب ليس عقاباً.

marie_magdelene_cry.jpg

إن تربية” الحرية ما كانت لتتم دون “تأديب” (يهوديت 8: 27، 1 كورنتس 11: 32، غلاطية 3: 23- 24).

“الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد” (يوحنا 3: 18).

العقاب هو علامة لمخالفة ما يقوم بها الإنسان ضد حق ما.

إن من يتعدى على حق آخر، يعاقب على ما فعل.

لا يمكن أن يكون هناك لقاء بين الظلمة والنور، وبين الحق والباطل، لذلك كل من يعيش في الظلمة هو يخالف النور ومن يعيش في الباطل هو مخالف للحق، ولأن الإنسان حر فهو يختار إما هذا أو ذاك، وهنا المشكلة الحقيقية، أي إن كنت حراً وأستطيع أن أختار ما يناسبني وما يحلو لي، فلماذا أعاقب أو أكافأ؟

في الحقيقة، هناك منطق تقوم عليه الأمور في الحياة، وهذا المنطق قائم على جملة من التناقضات أو المتمايزات، فلو لم يكن هناك نور كيف أعرف أن هناك ظلمة؟ ولو لم يكن هناك حق كيف أدرك ما هو باطل؟ إذاً الأمر يتعلق بمعيار أو مقياس أو قانون أو وصية، تقاس بها جميع الأمور.

ورب قائل يقول: إذاً لننزع هذا المعيار، ونعيش بعد ذلك بحرية..!!

فأجيب وأقول أننا لا نستطيع ذلك، لأننا لا نقدر أن نغش أنفسنا، فهذا المعيار كائن في أعماق ذواتنا ولا نستطيع أن لا نكون نحن من نحن.

المشكلة في الحرية أننا نميل لما نريد، أكثر مما، لما نحتاجه. ونريد أن نمحو النور لكي لا نرى حقيقة ما نحن عليه، فلا ندرك أن النور يساعدنا على رؤية عظمة ما نحن عليه، فنرى أن النور يكشف عيوبنا أكثر مما يُظهر جمالنا، لذلك وجب علينا معرفة المعايير والمقاييس التي تحدد جمالنا من بشاعتنا، فنختار، بحريتنا، ما يجعلنا أكثر جمالاً، بدل أن نختار، بحريتنا أيضاً، ما يجعلنا أكثر بشاعة، فاستخدام الحرية عليه أن يكون مبني على اختيار المعيار الصحيح وتطويع الأفعال لتتوافق معه.

بالرغم من أن هناك معايير كثيرة ومختلفة ومتنوعة، إلا أن هناك معيار واحد يجمع في ذاته كل المعايير، فالله الذي هو الحق، هو معيار الإنسان. وعليه فإن أي مخالفة لله تستوجب تصحيحاً أو تعويضاً لحقه.

لنسلك بحسب ارتباطنا بالله، لان محبة الله تستحق منا كرامة مقدار  قيمة الدم المسفوك لأجلنا فلا … نهينه.

صلاة:

” يا الله إني أعترف بأني خاطئ وأحتاج إلى الخلاص. وأعرف أيضاً بأني لا أقدر أن أخلص نفسي. أشكرك لأن المسيح مات من أجل خطاياي على الصليب لكي يخلصني. أشكرك أيضاً من أجل كلمتك التي تقول بأن كل الذين يقبلونك أنت تعطيهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله. سامحني على خطاياي وساعدني لكي أعيش لك، شاكراً إياك من أجل دمك الثمين الذي طهرني من كل خطية، آمين “.