الأحد الرابع بعد الصليب 


رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس (6: 10 -24)

يا إِخْوَتي، تَشَدَّدُوا بِالرَّبِّ وَبِقُدْرَةِ قُوَّتِهِ.

إِلْبَسُوا سِلاحَ الله، لِتَسْتَطِيعُوا مُقَاوَمَةَ مَكايِدِ إِبْلِيس؛

لأَنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ معَ لَحمٍ ودَم، بَلْ معَ الرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِين، ووُلاةِ هذَا العالَم، عَالَمِ الظَّلام، ومعَ أَرْوَاحِ الشَّرِّ في الفَضَاء.

لِذَلِكَ ٱتَّخِذُوا سِلاحَ اللهِ الكَامِل، لِتَسْتَطِيعُوا المُقَاوَمَةَ في اليَومِ الشِّرِّير، حتَّى إِذَا تَمَّمْتُم كُلَّ شَيءٍ تَثْبُتُون.

فَٱثْبُتُوا إِذًا، وشُدُّوا أَوسَاطَكُم بِالحَقّ، وَٱلبَسُوا دِرْعَ البِرّ،

وَٱنْعَلُوا أَقْدَامَكُم بِٱسْتِعدَادٍ لإِعْلانِ إِنْجِيلِ السَّلام.

إِحْمِلُوا في كُلِّ حينٍ تُرْسَ الإِيْمَان، بِهِ يُمْكِنُكُم أَن تُخْمِدُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ المُلْتَهِبَة.

ضَعُوا خُوذَةَ الخَلاص، وتَقَلَّدُوا سَيْفَ الرُّوح، الَّذي هُوَ كلامُ الله.

صَلُّوا كُلَّ وَقتٍ في الرُّوح، بِكُلِّ صَلاةٍ وطِلْبَة. وكُونُوا هكَذَا سَاهِرِين، مُواظِبِينَ كُلَّ المُوَاظَبَة، وضَارِعِينَ مِن أَجْلِ جَمِيعِ القِدِّيسِين،

ومِن أَجلِي، لِكَي أُعْطَى كَلِمَةً أَنْطِقُ بِهَا، فأُعَرِّفَ بِجُرأَةٍ سِرَّ الإِنْجِيل،

الَّذي مِن أَجلِهِ أَنَا سَفِيرٌ مُقَيَّدٌ بالسَّلاسِل، حتَّى يَصِيرَ لي جُرأَةٌ في إِعْلانِ الإِنْجِيل، فأَنْطِقَ بِهِ كَما يَجِب.

ولِكَي تَعْلَمُوا أَنْتُم أَيْضًا أَحْوَالِي وأَعْمَالي، سيُطْلِعُكُم علَيْهَا كُلِّهَا طِيخِيكُسُ ٱلأَخُ ٱلحَبِيب، والخَادِمُ الأَمِينُ في الرَّبّ،

وقَد أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُم لِهذِهِ الغَايَة، لِتَعْرِفُوا أَحْوَالَنَا، ويُعَزِّيَ قُلُوبَكُم.

لِلإِخْوَةِ السَّلامُ والمَحَبَّةُ مَعَ الإِيْمَانِ مِنَ اللهِ الآبِ والرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح!

أَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ رَبَّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ حُبًّا لا يَزُول!


إنجيل القدّيس لوقا (14: 25-35)

كانَ جُمُوعٌ كَثِيرُونَ سَائِرِينَ مَعَ يَسُوع، فٱلْتَفَتَ وَقالَ لَهُم:

إِنْ يَأْتِ أَحَدٌ إِليَّ وَلا يُبْغِضْ أَبَاهُ، وَأُمَّهُ، وٱمْرَأَتَهُ، وَأَوْلادَهُ، وَإِخْوَتَهُ، وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، لا يَقْدِرْ أَنْ يَكُونَ لي تِلْمِيذًا.

وَمَنْ لا يَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتَبعْنِي، لا يَقْدِرْ أَنْ يَكُونَ لي تِلْمِيذًا.

فَمَنْ مِنْكُم يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا، وَلا يَجْلِسُ أَوَّلاً فَيَحْسُبُ نَفَقَتَهُ، إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِي لإِكْمَالِهِ؟

لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَيَعْجَزَ عَنْ إِتْمَامِهِ، فَيَبْدَأَ جَمِيعُ النَّاظِرينَ يَسْخَرُونَ مِنْهُ

وَيَقُولُون: هذَا الرَّجُلُ بَدَأَ بِبِنَاءٍ وَعَجِزَ عَنْ إِتْمَامِهِ.

أَوْ أَيُّ مَلِكٍ يَنْطَلِقُ إِلى مُحَارَبَةِ مَلِكٍ آخَرَ مِثْلِهِ، وَلا يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيُفَكِّرُ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يُقَاوِمَ بِعَشَرَةِ آلافٍ ذَاكَ الآتِيَ إِلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟

وَإِلاَّ فَمَا دَامَ ذَاكَ بَعِيدًا عَنْهُ، يُرْسِلُ إِلَيْهِ وَفْدًا يَلْتَمِسُ مَا يَؤُولُ إِلى السَّلام.

هكذَا إِذًا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُم لا يَتَخَلَّى عَنْ كُلِّ مُقْتَنَيَاتِهِ، لا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.

جَيِّدٌ هُوَ المِلْح، وَلكِنْ إِذَا فَسُدَ المِلْح، فَبِمَاذَا يُعَادُ إِلَيْهِ طَعْمُهُ؟

فَلا يَصْلُحُ لِلأَرْضِ وَلا لِلْمِزْبَلة، فَيُطْرَحُ خَارِجًا. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ سَامِعَتَانِ فَلْيَسْمَعْ!.

الموعظة

لا تستطيع أن تحمل الصليب دون أن تتبع الرب يسوع المسيح

إنْ كانت العلاقة مع الله تستوجب الدخول في الموت والحياة وفي حمل الصليب فوجب علينا أن نحسب حساباتنا بدقة لئلا نقدر أن نكمل هذه العلاقة، وهنا شبه الرب يسوع هذا ببناء البرج و بلقاء الحرب مع ملك آخر.

عند بناء برج تُحسب النفقات كلها بالبداية وإلا عندما نصل إلى منتصف البناء وتظهر العيوب فإننا لا نقدر أن نعالجها بسهولة، ولا ننطلق لمحاربة (ملك آخر، بما أننا ملوك) بتلك العشوائية التي تجعلنا نتخبط شمالاً ويميناً ونعود خاسرين، إذ علينا أن نقرأ ذواتنا قبل البدء بتلك الحرب.

العلاقة مع الله والسير في طريقه هي ذاك البرج وتلك الحرب، فالبرج هو حمل الصليب والحرب هي ضد مملكة الذات والعالم، والقيمة التي يجب أن تُحسب في كِلا الأمرين هي الحب، فهل أستطيع أن أحب الرب والآخر كما أحب الرب نفسه العالم وبذل ذاته عنه؟ 

المشكلة الكبيرة في حياتنا هي أننا نريد الحصول على العلاقة مع الله للحصول على ضمان لا للحصول على تحقيق الذات لبذلها لأجل الآخر. فنقوم بمصالحة مع مملكة العام ونقوم بمصالحة دينية مع الله وأقصد بهذا أننا فقط نريد أن نأخذ.!! ولراحة ضميرنا، نتمم واجباتنا الدينية وبهذا نغش أنفسنا باعتقادنا أن ما نفعله يستعطف الله وبالتالي نحصل على بركاته ونستعطف العالم ونحصل على بركاته وبكلتا الحالتين نحن أنانيين لا نريد سوى الحصول على ما نرغب.

لذلك قال الرب في أول آيات إنجيل اليوم : 

إِنْ يَأْتِ أَحَدٌ إِليَّ وَلا يُبْغِضْ أَبَاهُ، وَأُمَّهُ، وٱمْرَأَتَهُ، وَأَوْلادَهُ، وَإِخْوَتَهُ، وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، لا يَقْدِرْ أَنْ يَكُونَ لي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لا يَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتَبعْنِي، لا يَقْدِرْ أَنْ يَكُونَ لي تِلْمِيذًا.

لا يجب الاعتقاد أنها دعوة إلى البغض والكراهية ضد أهلنا وأنفسنا، إنما الواجب فهمها ضمن إطار تعليم يسوع كله، وهو، أي تعليم يسوع، يتمحور حول الحب الباذل ومعطي الذات، كما فعل هو، فالحب الواجب عيشه لا يعتمد على العِشرة والارتباط الجسدي والعائلي وإنما على إعطاء الذات والمقدرة على بذل الذات.

في النهاية وكأن بيسوع يقول: إن أردت أن تكون لي تلميذا، أو لك علاقة معي، فاحسب حساباتك وكن حكيماً، ولا تأتي إليّ وفي نيّتك مجداً زائلاً وتحقيقاً لرغبات زائلة. فلنكن إذاً أولئك الذين يتبعون الرب يسوع كتلاميذ في مدرسة الحب الذي هو مديرها وأستاذها، وننهل منه نهج العلاقة مع الله وتحقيق ذواتنا.

هذه الموعظة ليست إلا نظرة من زاوية مختلفة إلى نص إنجيل اليوم، وفي كل مرة نقرأ هذا النص في المستقبل سوف ننظر من زاوية أخرى وهكذا.