المُراد من السؤال: سأسأل كل أسئلتي هنا لأنها كثيرة: لماذا خلق الله الإنسان ولماذا لم يكتف بالملائكة ولما وضعه على تماس مع الشيطان ومع الخطيئة؟ لما عملية المصالحة بين الإنسان والله ماكانت ستتم إلا بالموت والدم؟ هل الله وعد بابنه أم يسوع قرر أن ينهي الخصام وينزل؟ الابن هو أحد أقانيم الله، فكيف لا يعلم متى نهاية العالم؟ هل الله يعلم المستقبل أم لا، بحال يعلم فإذا نحن مسيرون وإن كان لا يعلم فكيف تمت النبوءات؟ الله محبة ورحيم، هل يعاقب أم لا؟ وكيف لرب رحيم أن يُنزل طوفاناً و يغضب غضبا كالذي في سادوم وعامورة؟ والخطيئة اليوم باتت أكبر وأشنع من أيام نوح، لما لم يُنزل طوفاناً؟؟ وشكراً جزيلاً للتوضيح: لا أريد لأسئلتي الكثيرة أن توحي بأنني لاأحب الله، إنها فقط طريقتي لأفهمه أكثر وأقترب منه

الإجابة:

لماذا خلق الله الإنسان ولماذا لم يكتف بالملائكة ولما وضعه على تماس مع الشيطان ومع الخطيئة؟

دائماً فضول عقولنا يوقعنا بأسئلة عديدة، وهذا مشروع، ولكن لا يجب علينا أن إنطلاقاً مم نعرفه أن نسأل مثل هذه الأسئلة، ولماذا؟ لأن نبني أسئلتنا على خلفية أفكار خاطئة. 

يصوّر لنا الكتاب المقدس صورتين في البداية عن أن الله خلق الكون والأرض وما عليها وأنه خلق الإنسان، وعلينا أن نفهم أن هاتين الصورتين رغم أنهما في بداية سفر التكوين، إلا أنهما قد كتبتا في وقت متأخر جداً، وما هما إلا لتوضيح فكرة الابتعاد عن الله أكثر من توضيح فكرة خلق الله للإنسان.

بإيماننا المسيحي لا نقول أن الله هو الذي خلق العالم والإنسان بمعنى صنعه، والكتاب المقدس كله يوضح أن الله هو مُحرر وليس خالق كمن أوجد أو صنع.

لما عملية المصالحة بين الإنسان والله ماكانت ستتم إلا بالموت والدم؟

ليس هذا قراراً من الله، ولكن اعتماداً على جوهر الله الذي هو محبة، والمحبة هي قبول وعطاء، فإن الله قد قبل ما عند الإنسان وهو الموت، فالإنسان ماهر في صنع أدوات القتل والألم والدم، (الصليب)، وأما الله فهو ماهر في تحويل هذا الموت إلى قيامة.

هل الله وعد بابنه أم يسوع قرر أن ينهي الخصام وينزل؟ 

من أين ينزل؟ إذا افترضنا أنه في مكان ما في الأعالي، فعندئذ يكون محدوداً بمكان وبالتالي حجمه معروف ومحدود ويقاس، ولكن طالما أن الله مالئ الكل فهو هنا والآن وهناك والآن وفي كل شيء ومن أجل كل شيء، وبما أنه محبة، فالمحبة لا تدفع بأحد إلى الموت، فالمحبة لا تعطي إلا ذاتها.

الابن هو أحد أقانيم الله، فكيف لا يعلم متى نهاية العالم؟ هل الله يعلم المستقبل أم لا، بحال يعلم فإذا نحن مسيرون وإن كان لا يعلم فكيف تمت النبوءات؟ 

إن كان الله يعلم المستقبل فمن غير الممكن أن يكون بمعنى أن هناك مخطط معدّ مسبقاً (مكتوب)، وإلاّ كما قلت أنت نكون مسيرين وهذا ضد حرية الإنسان وحتى ضد الله، لأن الله حر والحر يُحرر الآخرين ولا يأسرهم. 

الله لا يعلم المستقبل، على الأقل هذا ما يُخبرنا به الإنجيل عندما كان يسوع يندهش من إيمان بعض الأشخاص. فالذي يعرف لا يندهش.

كل نبوءات الكتاب المقدس هي قراءة عكسية، أي الانطلاق من الواقع الآن إلى الماضي. والنبوءة لا تعني العلم بالمستقبل، وإنما هي إعلان إرادة الله. 

الله محبة ورحيم، هل يعاقب أم لا؟ وكيف لرب رحيم أن يُنزل طوفاناً و يغضب غضبا كالذي في سادوم وعامورة؟ والخطيئة اليوم باتت أكبر وأشنع من أيام نوح، لما لم يُنزل طوفاناً؟؟ 

الله لا يعاقب، بما أنه هو من أخذ وقبل منا موتنا. أما تصورات الإنسان قديماً عن الله، كانت مشوبة بأفكار آلهة الوثن التي تنزل العقاب إن لم يقدم شيئاً لها، ومع الأيام انحدرت وانحسرت هذه الفكرة، ومع يسوع المسيح تثبتنا أن الله محبة ومحبة فقط.

وشكراً جزيلاً للتوضيح: لا أريد لأسئلتي الكثيرة أن توحي بأنني لاأحب الله، إنها فقط طريقتي لأفهمه أكثر وأقترب منه

لا شكر على واجب، وأنا شخصياً أحيّ فيك نشاطك العقلي والذهني، وأشكر لك مبالاتك، وهذا يدل عن إنسان مستيقظ وساهر على صحة ما يعتقد به، والنيام لا يدخلون ملكوت الله.