الأحد الحادي عشر بعد العنصرة 


رسالة القدّيس بولس إلى أهل قولسّي (1: 9-20)
يا إِخوَتِي، نَحْنُ أَيْضًا، مِنْ يَوْمَ سَمِعْنَا، لا نَزَالُ نُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُم، ونَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَمْلأَكُم مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، في كُلِّ حِكْمَةٍ وفَهْمٍ روحِيّ،
لِتَسِيرُوا كَمَا يَلِيقُ بِالرَّبِّ في كُلِّ مَا يُرْضِيْه، مُثْمِرينَ في كُلِّ عَمَلٍ صَالِح، ونَامِينَ بِمَعْرِفَةِ الله،
مُتَقَوِّينَ كُلَّ القُوَّةِ بِحَسَبِ عِزَّةِ مَجْدِهِ، بِكُلِّ ثَبَاتٍ وطُولِ أَنَاة،
وَبِفَرَحٍ شَاكِرِينَ الآبَ الَّذي أَهَّلَكُم لِلشَّرِكَةِ في مِيراثِ القِدِّيسِينَ في النُّور؛
وهُوَ الَّذي نَجَّانَا مِنْ سُلطَانِ الظَّلام، ونَقَلَنَا إِلى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ،
الَّذي لَنَا فيهِ ٱلفِدَاء، أَي مَغْفِرَةُ الخَطَايَا:
إِنَّهُ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ المَنْظُور، بِكْرُ كُلِّ خَليقَة،
لأَنَّهُ بِهِ خُلِقَ كُلُّ شَيءٍ في السَّمَاواتِ وعلى الأَرْض، مَا يُرَى ومَا لا يُرَى، عُرُوشًا كَانَ أَمْ سِيَادَات، أَمْ رِئَاسَات، أَمْ سَلاطِين، كُلُّ شَيءٍ بِهِ خُلِقَ وإِلَيه؛
وهُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيء، وبِهِ يَثْبُتُ كُلُّ شَيء،
وهُوَ رأْسُ الجَسَد، أَيِ ٱلكَنِيسَة. إِنَّهُ المَبْدَأ، أَلبِكْرُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، لِكَي يَكُونَ هُوَ الأَوَّلَ في كُلِّ شَيء،
لأَنَّهُ فيهِ رَضِيَ اللهُ أَنْ يَسْكُنَ المِلْءُ كُلُّهُ،
ويُصَالِحَ بِهِ الكُلَّ مَعَ نَفسِهِ، مُسَالِمًا بِدَمِ صَلِيبِهِ، مَا عَلى الأَرْضِ كَانَ أَمْ في السَّمَاوَات.

إنجيل القدّيس لوقا (14: 7-15)
لاحَظَ يَسُوعُ كَيْفَ كَانَ المَدْعُووُّنَ يَخْتَارُونَ المَقَاعِدَ الأُولى، فَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل:
«إِذَا دَعَاكَ أَحَدٌ إِلى وَلِيمَةِ عُرْس، فَلا تَجْلِسْ في المَقْعَدِ الأَوَّل، لَرُبَّما يَكُونُ قَدْ دَعَا مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ قَدْرًا،
فَيَأْتي الَّذي دَعَاكَ وَدَعَاهُ وَيَقُولُ لَكَ: أَعْطِهِ مَكَانَكَ! فَحِينَئِذٍ تُضْطَرُّ خَجِلاً إِلى الجُلُوسِ في آخِرِ مَقْعَد!
ولكِنْ إِذَا دُعِيتَ فٱذْهَبْ وٱجْلِسْ في آخِرِ مَقْعَد، حَتَّى إِذَا جَاءَ الَّذي دَعَاكَ يَقُولُ لَكَ: يا صَدِيقي، تَقَدَّمْ إِلى أَعْلَى! حِينَئِذٍ يَعْظُمُ شَأْنُكَ فِي عَيْنِ الجَالِسِينَ مَعَكَ.
لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يُوَاضَع، وَمَنْ يُواضِعُ نَفْسَهُ يُرْفَع.»
وقَالَ أَيْضًا لِلَّذي دَعَاه: «إِذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً، فَلا تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ، ولا إِخْوَتَكَ، وَلا أَنْسِباءَكَ، وَلا جِيرانَكَ الأَغْنِيَاء، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا بِالمُقَابِل، وَيَكُونَ لَكَ مُكافَأَة.
بَلْ إِذَا صَنَعْتَ وَلِيمَةً فٱدْعُ المَسَاكِين، وَالمُقْعَدِين، والعُرْج، وَالعُمْيَان.
وَطُوبَى لَكَ، لأَنَّهُم لَيْسَ لَهُم مَا يُكَافِئُونَكَ بِهِ، وَتَكُونُ مُكَافَأَتُكَ في قِيَامَةِ الأَبْرَار».
وَسَمِع أَحَدُ المَدْعُوِّينَ كَلامَ يَسُوعَ فَقالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزًا في مَلَكُوتِ الله!».

الموعظة

لقد اعتدنا أن نأخذ الكرامات من بعضنا البعض، ولنا حسابات في تعاطينا مع الآخر، نحسب حساباً للغني والمسؤول وذوي النفوذ، ونرمي الفقير والميسور الحال بنظرة تميل إلى الاستهزاء، رغم أنه عندما تُطفأ الأنوار جميعنا نصبح بنفس اللون.

نريد أن نكون الأحسن في عيون الناظرين إلينا، غير آبهين بالمتطلبات الجوهرية لمعنى كلمة أن نكون الأفضل، فلطالما أراد الإنسان أن يفرض سطوته على الآخرين الذين حوله، وأن يجد في عيونهم نظرة الانبهار بشخصيته، وأن يمارس هواياته في اعتبار كل من حوله أدنى منه. بالحقيقة نحن نتبارى في ذلك ولا (نحطها واطية لأحد)، ولا نقبل بأن يتعالى أحد علينا فنتعالى نحن.

في إنجيل اليوم طرح يسوع هذه المشكلة وكأنه يقول لنا: "ليعلم كل واحد قدره وحجمه"، اتخذ المكان المناسب لك، وطبعاً هذا لا يتحقق إلا من خلال قراءة الذات ومعرفة من أكون بالحقيقة.

يقول لنا الرب يسوع اليوم أن نتشبه بالله ونعمل عمله، فهو رب الكل وأخذ المكان الأخير ليترك المجال لأن نكون الأول، وأيضاً نكون مثل الله عندما لم يدع إلى مائدته الأغنياء بل المساكين والعرجان والعميان الذين حطمتهم الخطيئة.

إن غفران الله ومحبته للإنسان لا تطلب ولا تفترض أن يكون الإنسان بالمقابل صاحب فضيلة، فالله أحب الخاطئ ومحبته مجانية، وبالتالي عندما يقبل الإنسان دعوة الله إلى نفس المحبة التي أحبنا فيها، عندها يكون مشاركاً في المائدة السماوية.

هذه الموعظة ليست إلا نظرة من زاوية مختلفة إلى نص إنجيل اليوم، وفي كل مرة نقرأ هذا النص في المستقبل سوف ننظر من زاوية أخرى وهكذا.