العالم يتحدى الخير فينا، يحاول جاهداً أن ينتزع إنسانيتنا، ويسكب كل ثقله على كاهلنا، فيتعبنا، ويأخذنا بعيداً عن أصالة نفوسنا، فنتحرف مقاصدنا، وتكثر آثامنا ويزداد شقاؤنا وتقل سعادتنا. فلا عدالة هنا ولا سلام ولا حتى توافق اجتماعي. ولكن لنا وعدٌ من الله بأن يكون هو سعادتنا وحياتنا، فإن إيماننا بالله الذي هو محبة، يجعلنا نعيش ذاك الرجاء الكبير، في أنه يريد أن يرانا سعداء. الصليب يتحدى العالم، فهو يُظهر العالم على حقيقته، ويكشف أدوات القتل والشر الذي يمتاز بها هذا العالم، وبنفس الوقت، يكشف الصليب موقف الحبّ الذي أحبنا به الله، فالصليب يتحدى العالم. من الخطأ أن نعتبر ما يعطيه العالم من شرور متنوعة الأشكال هو ما يعنيه حمل الصليب، إذ أن حمل الصليب يعني تحويل الموت إلى حياة، وبمعنى أدق، يعني اتخاذ موقف حبّ تجاه اللاحبّ أو الشر. الصليب يعني بالضرورة، اتخاذ موقف مشابه لموقف يسوع، فيسوع حوّل ما أعطاه العالم من ألم وشر وموت إلى كرامة ومجد وحياة. اليوم في عيد ارتفاع الصليب، نجد المعنى ونجدده، فلا معنى لحمل الصليب دون اتباع الرب يسوع المسيح، ولا معنى لحمل الصليب دون أن نحمل في حياتنا موقف يسوع تجاه الشر الموجود في العالم. لذا علينا عدم اعتبار الصليب على أنه هو بحد ذاته ألم ومرض وموت بل هو انتصار عليهم، هو انتصار على ما يعطيه العالم لنا.العالم يتحدانا والصليب يتحدى العالم