ما يُشرّف الإنسان هو عمله 

الأحد السابق للميلاد 

أحد النسبة 


رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيلبّي (2: 5-12) 

5 فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا:6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ.7 لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.8 وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.9 لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ10 لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ،11 وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.12 إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ

إنجيل القديس متى (1: 1-17)

1كِتَابُ ميلادِ يَسُوعَ الـمَسِيح، إِبنِ دَاوُد، إِبْنِ إبْرَاهِيم: 2إِبْرَاهِيمُ وَلَدَ إِسْحـق، إِسْحـقُ وَلَدَ يَعْقُوب، يَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وإِخْوَتَهُ، 3يَهُوذَا وَلَدَ فَارَصَ وزَارَحَ مِنْ تَامَار، فَارَصُ وَلَدَ حَصْرُون، حَصْرُونُ وَلَدَ آرَام، 4آرَامُ وَلَدَ عَمِينَادَاب، عَمِينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُون، نَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُون، 5سَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَاب، بُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوت، عُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى، 6يَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الـمَلِك. دَاوُدُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنِ امْرَأَةِ أُوْرِيَّا، 7سُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَام، رَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا، أَبِيَّا وَلَدَ آسَا، 8آسَا وَلَدَ يُوشَافَاط، يُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَام، يُورَامُ وَلَدَ عُوزِيَّا، 9عُوزِيَّا وَلَدَ يُوتَام، يُوتَامُ وَلَدَ آحَاز، آحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا، 10حِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى، مَنَسَّى وَلَدَ آمُون، آمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا، 11يُوشِيَّا وَلَدَ يُوكَنِيَّا وإِخْوَتَهُ، وكانَ السَّبْيُ إِلى بَابِل. 12بَعْدَ السَّبْيِ إِلى بَابِل، يُوكَنِيَّا وَلَدَ شَأَلْتِيئيل، شأَلْتِيئيلُ وَلَدَ زُرُبَّابِل، 13زُرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُود، أَبيهُودُ وَلَدَ إِليَاقِيم، إِليَاقِيمُ وَلَدَ عَازُور، 14عَازُورُ وَلَدَ صَادُوق، صَادُوقُ وَلَدَ آخِيم، آخِيمُ وَلَدَ إِلِيهُود،  15إِلِيهُودُ وَلَدَ إِلِيعَازَر، إِلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّان، مَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوب، 16يَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَم، الَّتي مِنْهَا وُلِدَ يَسُوع، وهُوَ الَّذي يُدْعَى الـمَسِيح. 17فَجَميعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْرَاهيمَ إِلى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، ومِنْ دَاوُدَ إِلى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، ومِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلى الـمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جيلاً.

الموعظة

في هذا الأحد السابق للميلاد والذي يُسمّى أحد النسبة، تضع الكنيسة السريانية الكاثوليكية، إنجيل القديس متى حول نسب المسيح، وكما قرأنا وسمعنا في الإنجيل، فهناك أسماء مألوفة لنا، والكثير من الأسماء الأخرى التي لم نعتد على تداولها، رغم أهميتها.

يبدأ إنجيل اليوم بإعلان كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود بن إبراهيم، وسرعان ما يرجع إلى الوراء، إلى سلالة إبراهيم، الذي بدأت مسيرة الإيمان بالله معه، وبذلك يهتم القديس متى، بسرد السلالة لا حسب الجسد، وإنما بحسب الموعد، أو الوعد الإلهي، ويُدخل أسماءً وشخصيات، لعبت دوراً في مسيرة تحقيق هذا الوعد، والمُستغرب من هذه السلالة أو النسب، ذكر خمس نساء، أربعة منهن في العهد القديم، وواحدة هي مريم العذراء في العهد الجديد.

إثنتين من النساء الأربعة كن وثنيات، والاثنتين الأخريات كن زانيات، فما الهدف من سرد تلك الأسماء النسائية الخمسة؟.

للإجابة على السؤال علينا أن نفهم إطار الكتاب المقدس بأكمله، فالمرأة في الكتاب المقدس ترمز إلى الشعب أو البشرية كلها، كأن نقول حواء مثلاً. ورقم أربعة يدل على كل الأرض، (لها أربعة فصول وأربعة جهات) فذكر أولئك النساء الأربعة في العهد القديم يدل على حالة الإنسان بكل الأرض، وتلك الحالة تتلخص بعدم معرفة الله (الوثنيات)، وبعدم الأمانة له من جهة أخرى (الزانيات). وهكذا كانت حالة البشرية قبل المسيح، وهنا نأتي إلى المرأة الخامسة التي هي مريم العذراء، ورقم خمسة يدل في الكتاب المقدس، على الإنسان الجديد، ويرد رقم خمسة في العهد الجديد كثيراً، فمثلاً مثل الوزنات، و تكثير الأرغفة، و العذارى الحكيمات والجاهلات..الخ.

 هناك طريقتان نستطيع أن نتحدث بهما عن نسب يسوع، الأولى هي أكاديمية، ونطرح فيها ما طرحناه آنفاً، وإن أردنا التوسع لقلنا الكثير عن تاريخ الخلاص وتاريخ العهد القديم، ودراسة كل تلك الشخصيات الواردة في النص، والثانية هي واقعية قليلاً، وأقصد بقليلاً أننا قد نلجأ إلى وضع النص في إطار تأملي وروحاني. وهنا نقول أن نسب الإنسان قد يكون مشرفاً أو غير مشرّف لدى كل منا، لكن هل هذا مهم؟

من الجليّ بمكان، أننا ننحدر من سلالات مختلفة ومتنوعة، وقد تكون سلالتنا فقيرة أو غنية، مثقفة أو جاهلة، سلاة كهنوتية أو طبية أو سلالة مهندسين.. الخ، و ما يُشرّف الإنسان هو عمله، وليس نسبه، لذلك لا يهم من أي سلالة تنحدر، بل المهم أنت ماذا تعمل، أو كيف تستطيع أن تكون بداية جديدة لسلالة مقدسة.

من الناحية الروحية التأملية، نستطيع إلقاء الضوء على نسبنا الإلهي، فنحن أولاد الله في النهاية، هذا ما أظهره لنا يسوع بميلاده وكل حياته وصولاً إلى القيامة، وإن أردنا التأمل وقلنا أن يسوع ينحدر بشرياً من سلالة غير مشرفة، فلننظر إلى ما فعل هو، وحُكمنا يكون على عمله وما قام به هو وليس على أصل سلالته، وهذا ما يوضحه إنجيل اليوم وهو كيف لي أن أغيّر مجرى التاريخ، تاريخي الشخصي وتاريخ من سيرتبط بي في المستقبل.

فلنكن غرس الرب وزرعه، ولنكن أولاداً أمناء لذاك الذي تجسد لخلاصنا، فنُطابق بحياتنا حياة الله، ونكون على صورة أبينا السماوي الذي له كل المجد إلى أبد الدهور، آمين.

هذه الموعظة ليست إلا نظرة من زاوية مختلفة إلى نص إنجيل اليوم، وفي كل مرة نقرأ هذا النص في المستقبل سوف ننظر من زاوية أخرى وهكذا.