لا يوجد ملحدون في الخنادق

هل هناك مكان نستطيع أن نشعر به بالاستقرار بغض النظر عما يحدث من حولنا في العالم أو ما يحدث في حياتنا الشخصية، هل يمكننا النظر إلى المستقبل بأمل بغض النظر عن الظروف المحيطة بنا في العالم؟

في هذه الأيام نرى الكثير من الناس يعتبرون الله مصدر ثبات واستقرار بالنسبة لهم. إن العالم من حولنا يتغير باستمرار ولكن الله لا يتغير أبداً. هو ثابت ويمكن الاعتماد عليه والوثوق به فهو يقول: “لا ترتعبوا ولا ترتاعوا. أما أعلمتك منذ القديم وأخبرتك فأنتم شهودي هل يوجد إله غيري لا صخرة، لا أعلم بها” (إشعياء 44: 8).

“لأني أنا الرب لا أتغير ” (ملاخي 3: 6) الله يمكنه أن يعرفنا على شخصه ويعطينا سلاماً في عقولنا وأذهاننا وبإمكانه أن يريح قلوبنا.

هل يمكنني الحصول على السلام الداخلي؟

يعترف الكثير من الناس أنهم لا يلتجؤون إلى الله إلا عندما تصبح الأمور صعبة وخارجة عن السيطرة، وقد عبّر عن ذلك كاهن عسكري من الحرب العالمية الثانية بقوله:” لا يوجد ملحدون في الخنادق”، لا يشعر الناس بأنهم بحاجة لله عندما تكون حياتهم على ما يرام ولكن كل شيء يتغير عندما يصبحون في ورطة.

ويقول أيضاً: “أنا الرب وليس غيري مخلص” (إشعياء 43: 11) ويقول أيضاً: “التفتوا إلي واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض لأني أنا الله وليس آخر” (إشعياء 45: 22).

ليس علينا أن نختبر الفشل أو الحزن للشعور بتلك ” الخنادق” فغالباً ما نعاني من نقص السلام الداخلي في حياتنا بسبب عدم وجود الله فيها، عندما يكون الله في حياتنا يمكننا أن نرتاح ونشعر بسلام في داخلنا فعندما نعرف الله ونصغي إلى ما يقوله في الكتاب المقدس سوف يكون هناك سلام في حياتنا لأننا عندئذٍ سنعرف أن الله أمين و قدير وهو يهتم بنا وبشؤوننا لذلك يمكننا أن نلقي آمالنا عليه بكل ثقة وهذا ما يريده إن قبلناه وسمحنا له بالدخول إلى حياتنا .

كل منا يبني حياته على شيء ” أساس ” معيّن ويضع إيمانه و رجاؤه في ذلك ” الأساس ” ممكن أن يكون ما تبني عليه هو نفسك فتقول: “يمكنني أن أحقق النجاح بنفسي إن حاولت ذلك جاهداً” أو المال “إذا جمعت مالاً كثيراً فهذا سيكون رائعا” أو أن تضع أحلامك على الوقت أو الزمن أي أن تقول: “إن الألفية الجديدة سوف تحدث الكثير من التغييرات.”

الله لديه منظار مختلف لرؤية هذه الأمور فهو يقول في الإنجيل: “فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسساً على الصخر وكل من لا يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيماً.” (متى 7: 24 – 27.)

بعض الناس يشعرون بالأمان كون آبائهم من أصحاب الملايين و بعضهم لأنه يمكنهم الحصول على معدّلات دراسية مرتفعة ولكن هناك أمان وسلام أعظم من ذلك بكثير وهو أن تكون على علاقة شخصية مع الله.

الله – بخلافنا- يعلم ما سوف يحدث غداً، وما سيحدث في الأسبوع القادم وما سيحدث في العام القادم. قال الله: ” لأني أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلي. مخبرٌ منذ البدء بالأخير ومنذ القديم بما لم يُفعل ” (إشعياء 46: 9، 10).

الله يعلم كل ما سوف يحدث في العالم، والأهم من ذلك هو يعلم ما سوف يحدث في حياتك وسيكون هناك من أجلك إن اخترت أن تُدخِلهُ حياتك ، فهو يخبرنا أنه سيكون ملجأنا وقوتنا “الله ملجأ لنا وقوة عوناً في الضيقات وجد شديداً” (مزمور 46: 1)، ولكن علينا أولاً أن نطلبه بإخلاص؛ “تطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلوبكم” (أرميا 29: 13).

لكن هذا لا يعني أنّ مَن يعرف الله معرفة شخصية ويثق به لن يتعرض للأوقات الصعبة. هذا غير صحيح. فإنّ الذين يعرفون الله سيتعرضون للصعوبات أيضاً ولكن الفرق أنهم يملكون السلام والقوة التي مصدرها وجود الله في حياتهم ، وقد صاغ الوحي ذلك على لسان القديس بولس بقوله:” مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين متحيرين ولكن غير يائسين، مضطهدين، لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين” (2كورنثوس 4: 8 – 9).

يخبرنا الواقع أننا سنواجه المشاكل في حياتنا فنحن في عالم تزداد فيه الكراهية والعنف وترتفع فيه نسبة الطلاق، ولكننا إن واجهناها ونحن نعرف الله ونثق به فإننا سنتعامل معها بمنظور مختلف وليس بقوتنا الشخصية بل بقوة مستمدة من عند الله الذي لا يعسر عليه أمر، الله الذي يحبنا ويهتم بأمرنا أكثر من أي شخص آخر والذي هو أعظم من أعظم مشكلة ،ونحن لسنا وحدنا بل هو معنا ولن يتركنا.

قال الرب يسوع المسيح هذه الكلمات المطمئنة لأتباعه : “أليس عصفوران يباعان بفلس؟ وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم. وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا ! أنتم أفضل من عصافير كثيرة!” (متى 10: 29 – 31).

إذا التجأت إلى الله بصدق فإنه سوف يتكفل بكل أمورك ويهتم بك بطريقة لا يستطيعها أحد غيره.

الله فقط هو من يعطينا السلام الداخلي 

ليس لدينا أية فكرة حول ما تخبئه لنا الأيام، إن كانت تحمل لنا أوقات صعبة وشاقة فإن الله سوف يكون معنا ليساعدنا ويقف إلى جانبنا، وإذا كانت تحمل لنا الأشياء الجيدة فنحن أيضاً نحتاج لوجود الله إلى جانبنا ليملأ الفراغ الذي بداخلنا وليعطي معنى لحياتنا.

المهم هو أن تكون لنا علاقة مع الله ولا نكون منفصلين عنه. فعندما نتمتع بعلاقة متواصلة معه فسوف نشعر بالسلام مهما كانت الظروف وسننظر للأمور بطريقة مختلفة وسيكون لدينا أمل.

لماذا يجب أن يكون الله محور حياتنا؟

لأنه لا سلام حقيقي ولا رجاء بعيداً عنه، فقد خلقنا وبداخلنا حاجة لوجوده في حياتنا، يمكننا أن نحاول تسيير حياتنا بدونه لكننا سنفشل.

الله يريدنا أن نسعى نحوه وأن نطلبه لكي يدخل حياتنا ولكن هناك مشكلة يقول الكتاب المقدس: “كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا” (إشعياء 53: 6) كلنا حاولنا أن نسير حياتنا كما نريدها نحن بدون تدخل الله وهذا ما يقول عنه الإنجيل (الخطيئة).

 الآن لنا حياة أبدية وهي عطية من الله لنا عندما نقبل يسوع المسيح مخلصاً، ونطلب منه أن يدخل حياتنا،” وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا” (رومية 6: 23)، إذا تبنا عن خطايانا ورجعنا إلى الله فسننال هبة الحياة الأبدية من خلال يسوع المسيح الذي يريد أن يدخل حياتنا: ” وهذه هي الشهادة ان الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة” (1يوحنا 5: 11, 12).


الأزمات والضيقات هي وقتية، تأتي وتذهب، لكن الله ثابتٌ في حياتي


الصلاة:
ربي وإلهي، منقذي ومخلصي، أعلم أنك تظللني في كل حين، فإن غبتُ عنك واشتدت رياح الضيق عليّ، لا تغيب أنت، فإنك إله أمين ومحب، ولك أقدم ذاتي وكل ما فيّ، فأسبحك مدى الدهور ، آمين.