في واقع الحياة التي نعيشها، تتراءى أمامي صورة تكاد تفقدني الشعور بالاطمئنان والارتياح لما وصلت إليه حال إيمان الشعوب التي تعتقد أنها تؤمن بالله الواحد. في عالمنا، أرى انعدام المسؤولية تجاه أهم القضايا الإنسانية وهي الفقر، وهناك من يقول بأمثال: “ كل ما شفت أعمى طبو، مانك أكرم من ربو“. في عالمنا، أرى الحسد يتغلغل ما بين ضلوع الناس، وهم يرون أناساً آخرين عندهم مواردهم وهو غير قادرين على التصرف اللائق أو الجيد بها، وهناك من يقول أيضاً بأمثال : ” (الله) .. يعطي الحلاوة لمن ليس له أضراس “، فهل نحن نفهم أكثر من الله، حتى نعتبر أنفسنا ذوي استحقاق أكثر من أولئك؟. في عالمنا، أشاهد أناساً، اعتبروا أنفسهم على حق ويعرفون خير الإنسان، فيقتلونه لأنه على دين مغاير لدينهم، وذلك لأن إلههم يريد ذلك…!!! في عالمنا، نتكل على الغيبيات، ونؤمن بما تقوله النجوم والكواكب وعلماء التنجيم، أكثر مما نؤمن بكلمات كتبنا المقدسة.. في عالمنا، أرى، حتى الآن، من يؤمنون أن الشمس ونورها هي الله، والعجل والبقرة يكرمون، والحجر والورق يخشون، ويقولون إلهنا يريد ذلك، وهو من قدر لنا هذه الحياة وكتبها. في عالمنا، لكي تغفر آثامنا من الله، علينا أن نكفّر آخرين، وأن تقتل آثمين لكي نكفّر عن خطايانا. في عالمنا، نقصد دور العبادة، إما خشية أو استعراضاً، وإما تتميماً لواجب، ومع قليل من التقوى المصحوبة بقائمة طلبات نطلبها من الله ومن بين تلك الطلبات، أن : ” يكسّر ايديهم، ويعمي عيونهم، ويصيبهم بألف داء دون دواء “. في عالمنا، يصلي ” الحرامي ” لكي لا يُكشف أمره .. والتلميذ، وقت الامتحان لكي ينجح… والمسؤول وقت انتخاباته، كي يبقى كرسيه ونفوذه .. نطلب من الله عطاياه لا ذاته.. في عالمنا، نتبارى في دخول كتاب غينس للأرقام القياسية، فنصنع أكبر “جاط تبولة، ومنسف مندي، قالب كاتو“، ونصنع مهرجانات ” الضرب بالبندورة والرش بالمياه” .. وهناك من يتوق للقمة واحدة في اليوم لكي يعيش لحظة واحدة أخرى.. في عالمنا، نؤمن أن الشرور تأتي من الله، فيصبح الله إله الشر.. كما أنه بنفس الوقت .. إله الخير .. فكيف نؤمن بإله متناقض مع ذاته؟.. القائمة تطول وتطول جداً، لكن بحق الذي له الحق، قولوا لي هل الله هو إلهكم؟ أم إلهكم هو الله؟ إن كل إنسان مؤمن بالله يتبنى كل ما له، أي لله، ففي حياة الشعوب التي تؤمن أن الله هو إلهها، نجد هذه المغالطات في التفكير والتصرفات التي تعبر، إلى حد كبير، عن عدم فهم الله بشكل جيد، وبالتالي تنقلب المعادلة ليصبح إله هذه الشعوب هو الله، بمعنى أنها، أي الشعوب، تجعل من الله ما تريده هي، لكي يتناسب ومصالحها وإرضاء ضميرها المغشى عليه والذي يعيش في حالة ضياع وانعدام لمكتسبات الحق.هل الله هو إلهك؟ أم .. إلهك هو الله؟